الخميس، 14 يوليو 2022

فى ظل ترقب عالمى لمناقشات شرم الشيخ : التحديات الاقتصادية الأفريقية للإنبعاثات الضارة .. تفرض نفسها بـ " قمة Cop27 "


الدكتور محمود محيى الدين : أفريقيا مسؤولة فقط عن 3% من انبعاثات كوكب الأرض

السفير رؤوف سعد : التأييد الغربى للمطالب الأفريقية يأتى من منطلق المصلحة العالمية

القاهرة - أ.ق.ت - فادى لبيب : يترقب العالم أجمع قمة Cop27 " " التى ستعقد بمصر في مدينة شرم الشيخ نوفمبر القادم ، وهو مؤتمر الأمم المتحدة السابع والعشرين المعني بتغير المناخ ...

حيث ستعقد للمرة الأولى بشمال أفريقيا منذ 10 أعوام مضت، وتركز على مسألة الوفاء بالتعهدات الدولية فى قضايا المناخ ومساعدة الحكومات فى مواجهة ذلك، والعمل على تقليل انبعاثات الكربون لتكون مجتمعات حيادية، لكن تبرز فى هذه النسخة من القمة الأممية، التحديات الاقتصادية الأفريقية والعالمية نتيجة الإنبعاثات الضارة التى تؤثر بالسلب على كافة مجريات الحياة .. من هنا انطلقت فاعليات مؤتمر “ نحو (COP27) وما بعده” الذى نظمه كل من المركز المصرى للدراسات الاقتصادية ( ECES ) والبنك التجاري الدولي (CIB ) مدار يومين، وتحدث فيه الدكتور محمود محى الدين المدير التنفيذى لصندوق النقد الدولي والمبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل أجندة 2030 موقف الدول الأفريقية كأكبر المتضررين من على كوكب الأرض من التغييرات المناخية الناتجة عن الإنبعاثات الضارة ..

مصادر الطاقة الطبيعية بأفريقيا

وصف الدكتور محمود محيى الدين المدير التنفيذى لصندوق النقد الدولي والمبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل أجندة 2030 ، الأوضاع التى يمر بها العالم حاليا بأنها ” الأتعس ” منذ الحرب العالمية الثانية، حيث تسيطر ظروف عدم اليقين على العالم، ولا يوجد اتجاه لمجالات تعاون عالمى فى التجارة والاستثمار ووجود قيود على حركة العمالة، ليس فقط نتيجة حرب روسيا وأوكرانيا التى أدت لإرتفاع أسعار المحاصيل والغذاء والطاقة والسلع، ولكن أيضا ما سبقها كأزمة كورونا التى كانت كاشفة ومُعجلة بقدر من التغييرات وهى مشكلات ممتدة منذ الأزمة المالية العالمية فى 2008، وهى التى دفعت لمشكلات أكبر تتعلق بأزمات التمويل الدولية، مشيراً إلى أن ملفات تغيرات المناخ بقدر ما يحمل أزمات، إلا أنه ينطوى على فرص للتعاون والعيش المشترك، الذى بدونه سيذهب أى جهد فردى هباءًا، لافتًا إلى أن أفريقيا رغم أنها لم تكن المسئول عن هذه التغيرات إلا أنها تعد أكبر المتضررين واصفًا إياها بالـ”ضحية”، فهى مسئولة فقط عن 3% من الإنبعاثات الضارة فى الكوكب، فى حين أن روسيا وحدها مسئولة عن 4% من الإنبعاثات، والهند مسئولة عن 8%، وأمريكا 16%، والصين 30%.


وأكد الدكتور "محيى الدين" أن القمة المقبلة يجب أن تعطى المساحة المناسبة لأفريقيا ليس فقط فيما يتعلق بمشكلة التكيف والتمويل، ولكن أيضًا فى أن تكون جزءًا من الحل العالمى للأزمة بما يُمكن أن توفره من الطاقة النظيفة والتحول الرقمى والثورة الصناعية الرابعة، حيث تملك أفريقيا كل المصادر الطبيعية لهذا، وبمنطق اقتصادى سليم ستكون هى مصدر السلع والمواد الأولية ومجال التصنيع المشترك والإنتاج، لافتًا إلى توقيع مصر و5 دول أفريقية تحالف من أجل إنتاج الهيدروجين الأخضر إيمانًا منها بأهمية المعايير المنضبطة، كما تشهد أفريقيا استثمارات ضخمة فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة، حيث يوجد أحد أكبر مشروعات الطاقة الشمسية فى بنبان بأسوان، وهناك 23 دولة أفريقية تعتمد الطاقة الجديدة والمتجددة، وهو ما يؤكد إمكانية أن تكون أفريقيا مصدرًا للحل العالمى، منوهاً إلى استمرار ضعف دور القطاع الخاص فى الاستثمار بمجالات التكيف، حيث مازلنا نعتمد بالأساس على التمويل العام فى مجال التكيف، لأن النفع العام المتحقق منه أكبر بكثير من النفع الخاص، ولكن هناك بعض المجالات التى يمكن أن يكون للقطاع الخاص دور أكبر فى الاستثمار بها.. ودعا الدكتور "محيى الدين" لأن تكون مصر واحدة من الدول المنشئة لأسواق الكربون كدولة رائدة فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مطالبًا بضرورة وضع معايير عالمية لما هو أخضر، حيث تقوم بعض الجهات بأمور تخالف المعايير وهناك تضارب فى المعايير الدولية وهو ما يُطلق عليه “الغسل الأخضر”، لافتًا إلى أن هناك لجنة لوضع معايير عالمية متفق عليها تستضيف مصر أعمالها ومن المتوقع أن تنهى عملها هذا العام وإعلان نتائجها فى قمة شرم الشيخ.

أقل الدول المُصدرة للإنبعاثات

من جانبه أوضح السفير رؤوف سعد مساعد وزير الخارجية السابق و مستشار وزير البيئة لـ " وطنى" قائلاً : إن التحديات الأفريقية ليست فقط تحديات مناخية وأنما هناك جوانب تتعلق بالتخلف ومعوقات التنمية، وزادت عليها التأثيرات الضارة للتغييرات المناخية التى أصبحت تصيب الدول الأفريقية بتأثيرات ليست فقط من ناتج الطبيعة، حيث وصلت إلى حد أصبح التعامل معها يأتى بنتائح تتسم بالفشل، وبالتالى أصبحت أفريقا من أكثر الدول التى تعانى من تأثيرات المناخ رغم إنها أقل الدول المُصدرة للإنبعاثات، فاليوم إن زادت درجة حرارة الأرض عن 2% فهذا يُؤثر بدرجات مضاعفة، مما يُزيد من الصعوبات التى لم تعد فقط صعوبات فنية أو اقتصادية، وإنما أصبح لدينا ظواهر تسمى بـ (متضررى البيئة / النازحين / الفقر / التخلف ..) والمجتمع الدولى يتعامل مع هذه الأعراض من منطلق أنها تغزى الإرهاب .. ذلك فى الوقت الذى يمر به العالم بأزمة اقتصادية كبيرة للغاية، سواء نتيجة ارتفاع أسعار البترول أو أزمات سلاسل الإنتاج، وبالتالى فإن أفريقيا تواجه تحديات ضخمة فى هذه المرحلة .

ويرى السفير رؤوف سعد أن قمة شرم الشيخ القادمة مهمتها كبيرة للغاية وتعمل على تقربب وهجات النظر، إذ أن  أفريقيا تتمتع كقارة بطاقات هائلة خاصة الطاقة الشمسية، وفى نفس الوقت فإنه لا يوجد بديل عن التعاون الدولى، فالتغييرات المناخية لا تصيب دولة وتترك الأخرى، وفيما يتعلق بتوقعات الاستجابة للمطالب الأفريقية ، أوضح مساعد وزير الخارجية السابق ومستشار وزير البيئة أن قبول وتأييد المطالب الأفريقية سيكون من منطلق المصلحة العالمية، وبالتالى فتفهم وجهة النظر الأفريقية فهذا من مصلحتهم، حتى ما يُقدم من الدول الغربية لا يجب أن يُصنف على أنه مساعدات خييرية، وإنما فهذا استثمار فى صالح المجتمع الدولى ككل، وبالتالى فإن طبيعة الأزمة والتغييرات المناخية تفرض التعامل بفكر المصلحة المشترك، ومن ثم فلا بديل عن التعاون الدولى أو كما يقولون " بشروط عادلة " والعدل هنا يُقصد به الإمكانيات المتاحة ، التى تفرض بأن الدول الغربية تساعد الدول النامية خاصة الدول الأفريقية على أن تساعدها فى تخطى التحديات والأثار الضارة للتغييرات المناخية، منوهاً أن العالم يُخطط لأن يكون فى 2030 أقل تصديراً للإنبعاثات الضارة

أفريقيا .. والنمو المستدام

من جانبها أعلنت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذى ومدير البحوث بالمركز المصرى للدراسات الاقتصادية، أهم توصيات المؤتم، والتى تتضمن صياغة موقف تفاوضى موحد للدول الأفريقية مع وصول هذا التفاوض لأن تحصل أفريقيا على استثمارات حقيقية وهو أمر مرتبط بوجود مشروعات خضراء مناسبة للتمويل، ووجود نظام مصرفى يسمح بهذا وبناء القدرات الأفريقية، مؤكدة على ضرورة مشاركة المشروعات الناجحة التى تم عرضها على مدار جلسات المؤتمر فى فعاليات (COP27)، كما شملت التوصيات ضرورة وضع سياسة صناعية نظيفة من البداية، وهو ما يحتاج إلى تعاون الجهات الحكومية كلها، ورفع الوعى المجتمعى والحكومى على حد سواء بالمشروعات الخضراء، من خلال وضع نظام تعليمى يتضمن مفاهيم الإستدامة والحفاظ على البيئة، وتهيئة البنوك للتعامل مع تمويل هذا النوع من المشروعات.

وأعلنت المدير التنفيذي للمركز المصرى، أنه من المقرر عقد مجموعة من الويبينار بالتعاون بين المركز والبنك التجارى الدولى، ومؤسسات أفريقية لمتابعة ماذا بعد المؤتمر، بحضور خبراء من مصر وأفريقيا والدول الغربية، للخروج بتوصيات إلى ما تحتاج إليه أفريقيا لتحقيق النمو المستدام واحترام البيئة ومواجهة التغيرات المناخية، وتقديمها للجهات المعنية استعدادًا لـ (COP27)، بالإضافة لعمل حملة وعى بالبيئة خاصة لصغار السن تبدأ من الآن.

" صوت واحد " للأفارقة

وخلال المؤتمر تم عقد عدد من الجلسات لمناقشة موضوعات قطاعية تتعلق بأفريقيا وصياغة موقف تفاوضى للقارة خلال القمة، وكيف يمكن أن تتفاوض الدول الأفريقية مع الدول المتقدمة حول التمويل سواء من حيث قيمته أو توجهات إنفاقه وتوزيع التمويل على سياسات التكيف والتخفيف، وأدارها السفير عمرو موسى وزير الخارجية الأسبق .. وخلال طالب الدكتور مو إبراهيم رئيس مجلس إدارة ومؤسس Mo Foundations الأفريقية - التى تركز على قضايا للحكم والقيادة بأفريقيا – بأنه يجب أن يكون للأفارقة " صوت واحد " سواء فى  قمة "Cop27" أو غيرها من المحافل الدولية خاصة فيما يتعلق بتغير المناخ ، على أن يكون هناك استعداد وتنسيق وصياغة أفكار بين الخبراء الأفارقة ممقلين للاتحاد الأفريقى ، كما طالب "مو" بأهمية إيجاد منصة للأفارقة يحدثون من خلال العالم بقضاياهم، خاصة التأثيرات السلبية على القارة من جراء الإنبعاثات الضارة ، وشرح إمكانية كيفية أن نصبح جزء من حل القضية .

وأكدت الدكتورة داليا عبد القادر رئيس قطاع التمويل المستدام بالبنك التجارى الدولي، أن مصر وأفريقيا جزء من مخاطر التغير المناخى وأيضًا جزء من الفرص والحلول، وقالت: البنك التجارى أول من أصدر السند الأخضر بمصر 2020،وأن هناك بيئة داعمة فى مصر لهذا التوجه، حيث كان الدستور المصرى أول دستور فى العالم ينص على التنمية المستدامة، كما أصدرت جهات مختلفة استراتيجيات تدعم التنمية المستدامة منها البنك المركزى وهيئة الرقابة المالية ووزارة البيئة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق